قصص الحيوان في الادب العربي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصص الحيوان في الادب العربي
تعد القصة على لسان الحيوان أو الخرافة كما يسميها ابن النديم ومن نحا نحوه من القدماء من أقدم أنواع القص ومن الأنماط القصصية الضاربة الجذور في تراثنا السردي العربي تعزى فيه الأقوال والأفعال الى الحيوان بقصد التهذيب الخلقي والاصلاح الاجتماعي أو النقد السياسي.
بداية ماتحدث به الدكتور قحطان صالح الفلاح في محاضرته حول قصص الحيوان في الادب العربي التي ألقاها بمركز ثقافي في الميادين .
حيث كانت الصورة الاولية والبسيطة لحكايات الحيوان يتابع الدكتور فلاح في نشأتها الاسطورية مجرد تفسير شعبي غير واقعي لحقائق علمية أو ظواهر طبيعية ثم انتقلت حكايات الحيوان من النشأة الفطرية «الشعبية - الفولكورية» الى المكانة الأدبية السامقة إذ توضع بقصد الموعظة والتعليم وتنطوي على مغزى أخلاقي أو درس اجتماعي أو هدف تربوي أؤ مضمون سياسي ناقد وذاع هذا النوع نوعاً كبيراً في الاداب العالمية وقد كان للحيوان في الحياة العربية الجاهلية مكانة خاصة ولعل أجلى بيان على ذلك احتفاء الشعر العربي به فقد حفلت قصائد الشعراء الجاهليين بالحديث عن الحيوان فإذا به يحس ويتألم ويشعر بالغربة والحنين .
وغني عن البيان ان ابن المقفع هو إمام هذا الفن ورائده في الادب العربي الاسلامي وأول من نقل هذا الفن القصصي من مرحلته الشفاهية «الشعبية» عند العرب الى الادب المدون «الكتابي» من خلال ترجمته لكتاب كليلة ودمنة الذي أثر تأثيراً كبيراً في الفن العالمي وحذا حذو ابن المقفع غير واحد من الكتاب فنسجوا على منواله أو نظموا كتابة شعراً بعد أن أدركوا أهمية ماقام به منهم أبان بن عبد الحميد اللاحقي وسهل بن هارون وعلي بن داود وأبو العلاء المعري ولعل من بين مؤلفات هؤلاء الاعلام ماهو ترجمة عن الفارسية أو الهندية إذ أن كثيراً منهم من أصل فارسي ويتقن لغة قومه
غير أن المصادر لم تفصح في الأعم .
ومن قصص الحيوان في الادب العربي غير المجموعة في كتاب واحد مايطلق عليها خرافات الامثال وقد روت كتب المصادر طائفة منها ولاتختلف عن أمثال كليلة ودمنة سوى أنها رويت مفردة في سياق أو موقف معين وتعد ضرباً من التمثيل الرمزي أو الكنائي الذي يتضح معناه بعد سرده سرداً تمثيلاً كاملاً أي بصورة المثل القصصي .
ولعل مايلفت النظر في هذا الفن الادبي هو المغزى الرمزي الذي تنطوي عليه القصص وتشف عنه احداثها إذ أن ظاهرها لهو وباطنها حكمة بحسب تعبير ابن المقفع ومضمون الحكمة يتمثل في تحقيق الغاية التي يرمي اليها كاتبها فهي إما تربوية تعليمية تستهدف النقد الاجتماعي والاخلاقي من خلال نقد بعض العادات والتقاليد أو تأكيد قيم معينة أو كشف سلوك ما ومن ذلك قصة المثل الذي رواه الميداني وهو «كيف أعادوك وهذا أثر فاسك» ويضرب لمن لايفي بالعهد في قصة يتجلى عذر الانسان ووفاء الحيوان .
وقد تكون الغاية التي يرتئيها الكاتب سياسة أو مزيجاً من السياسة والاجتماع وهو الأعم الاغلبية إذن اصلاح المجتمع والرقي به تؤدي الى تقويم سلوك الحاكم والمحكوم معاً على نحو تراعى فيه الحقوق والواجبات .
وقد كانت الغاية أو الوظيفة السياسية ماثلة في ذهن القدماء فصنفوا قصص الحيوان ضمن «علم تدبير الملك والسياسة أو السياسة الملوكية أو السلطانية ، وكذلك ألمح كتاب هذا الفن الى هذه الغاية في مقدمات كتبهم أو مضمونها مستعصمين بالحيوان بوصفه ستاراً للنقد السياسي .
وقد تمثل ابن خلدون في معرض حديثه عن «أسباب سقوط الدول وخراب العمران» بقصة رمزية على لسان حيوان تفيد أن الظلم مؤذن بخراب العمران» إذا عرض الموبذان صاحب الدين عند الفرس أيام الملك بهرام للملك في انكار ظلمه وغفلته بضرب المثال في ذلك على لسان البوم حين سمع الملك صوتها وسأله عن فهم كلامها فقال له : إن بوماً ذكراً يروم نكاح نوم أنثى وإنه شرطت عليه عشرين قرية من الخراب في أيام بهرام فقبل شرطها وقال لها إن دامت أيام الملك أقطعتك الف قرية وهذا أسهل مرام فتنبه الملك من غفلته وتحفل كثير من قصص الحيوان كما في كليلة ودمنة بالعديد من المبادئ والافكار والمثل السياسية والادارية والاجتماعية والتربوية التي تصلح في كثير من الاحيان لكل زمان ومكان ولعل الوظيفة السياسية لاتتمثل في كشف الظلم والفساد بل ربما تتخذ بعض الحكايات والافكار بمنزلة دستور تعليمي يسير على نهجه الطامحون الى الحق .
وقد رأى بعض الباحثين أن نشأة قصص الحيوان ترتبط أصلاً بالسياسة وأنها تنشأ في عهود الظلم والاستبداد والقهر حينما يكون التصريح سبباً في إثارة غضب الملوك وحنقهم وقد يستدلون على ذلك بأن أشهر كتابها كانوا من العبيد والارقاء أي من المستضعفين المقهورين .
غير أنه ليس شرطاً أن تكون عهود الظلم والاستبداد سبباً في وجود هذه القصص أو خلقها إذ أن كثيراً منها إنما وضع للتسلية والامتاع وللموعظة الاخلاقية المجردة أو لهدف تربوي تعليمي لاعلاقة له بالسياسة ويرادفها البعد عن حدة الوعظ المباشر وصعوبته على النفس التي تشعر بالاستعلاء والفوقية من قبل الناصح .
وأخيراً والكلام لدكتور قحطان فإن قصص الحيوان توفر للكاتب إمكانات تعبيرية أفضل وهي شكل فني ذو أبعاد دلالية واسعة إذ تتيح للمتلقين فسحة رحبة للتأويل وفقاً لآفاق توقعاتهم أو دائرة اهتماماتهم المختلفة .
عتاب ضويحي [center]
بداية ماتحدث به الدكتور قحطان صالح الفلاح في محاضرته حول قصص الحيوان في الادب العربي التي ألقاها بمركز ثقافي في الميادين .
حيث كانت الصورة الاولية والبسيطة لحكايات الحيوان يتابع الدكتور فلاح في نشأتها الاسطورية مجرد تفسير شعبي غير واقعي لحقائق علمية أو ظواهر طبيعية ثم انتقلت حكايات الحيوان من النشأة الفطرية «الشعبية - الفولكورية» الى المكانة الأدبية السامقة إذ توضع بقصد الموعظة والتعليم وتنطوي على مغزى أخلاقي أو درس اجتماعي أو هدف تربوي أؤ مضمون سياسي ناقد وذاع هذا النوع نوعاً كبيراً في الاداب العالمية وقد كان للحيوان في الحياة العربية الجاهلية مكانة خاصة ولعل أجلى بيان على ذلك احتفاء الشعر العربي به فقد حفلت قصائد الشعراء الجاهليين بالحديث عن الحيوان فإذا به يحس ويتألم ويشعر بالغربة والحنين .
وغني عن البيان ان ابن المقفع هو إمام هذا الفن ورائده في الادب العربي الاسلامي وأول من نقل هذا الفن القصصي من مرحلته الشفاهية «الشعبية» عند العرب الى الادب المدون «الكتابي» من خلال ترجمته لكتاب كليلة ودمنة الذي أثر تأثيراً كبيراً في الفن العالمي وحذا حذو ابن المقفع غير واحد من الكتاب فنسجوا على منواله أو نظموا كتابة شعراً بعد أن أدركوا أهمية ماقام به منهم أبان بن عبد الحميد اللاحقي وسهل بن هارون وعلي بن داود وأبو العلاء المعري ولعل من بين مؤلفات هؤلاء الاعلام ماهو ترجمة عن الفارسية أو الهندية إذ أن كثيراً منهم من أصل فارسي ويتقن لغة قومه
غير أن المصادر لم تفصح في الأعم .
ومن قصص الحيوان في الادب العربي غير المجموعة في كتاب واحد مايطلق عليها خرافات الامثال وقد روت كتب المصادر طائفة منها ولاتختلف عن أمثال كليلة ودمنة سوى أنها رويت مفردة في سياق أو موقف معين وتعد ضرباً من التمثيل الرمزي أو الكنائي الذي يتضح معناه بعد سرده سرداً تمثيلاً كاملاً أي بصورة المثل القصصي .
ولعل مايلفت النظر في هذا الفن الادبي هو المغزى الرمزي الذي تنطوي عليه القصص وتشف عنه احداثها إذ أن ظاهرها لهو وباطنها حكمة بحسب تعبير ابن المقفع ومضمون الحكمة يتمثل في تحقيق الغاية التي يرمي اليها كاتبها فهي إما تربوية تعليمية تستهدف النقد الاجتماعي والاخلاقي من خلال نقد بعض العادات والتقاليد أو تأكيد قيم معينة أو كشف سلوك ما ومن ذلك قصة المثل الذي رواه الميداني وهو «كيف أعادوك وهذا أثر فاسك» ويضرب لمن لايفي بالعهد في قصة يتجلى عذر الانسان ووفاء الحيوان .
وقد تكون الغاية التي يرتئيها الكاتب سياسة أو مزيجاً من السياسة والاجتماع وهو الأعم الاغلبية إذن اصلاح المجتمع والرقي به تؤدي الى تقويم سلوك الحاكم والمحكوم معاً على نحو تراعى فيه الحقوق والواجبات .
وقد كانت الغاية أو الوظيفة السياسية ماثلة في ذهن القدماء فصنفوا قصص الحيوان ضمن «علم تدبير الملك والسياسة أو السياسة الملوكية أو السلطانية ، وكذلك ألمح كتاب هذا الفن الى هذه الغاية في مقدمات كتبهم أو مضمونها مستعصمين بالحيوان بوصفه ستاراً للنقد السياسي .
وقد تمثل ابن خلدون في معرض حديثه عن «أسباب سقوط الدول وخراب العمران» بقصة رمزية على لسان حيوان تفيد أن الظلم مؤذن بخراب العمران» إذا عرض الموبذان صاحب الدين عند الفرس أيام الملك بهرام للملك في انكار ظلمه وغفلته بضرب المثال في ذلك على لسان البوم حين سمع الملك صوتها وسأله عن فهم كلامها فقال له : إن بوماً ذكراً يروم نكاح نوم أنثى وإنه شرطت عليه عشرين قرية من الخراب في أيام بهرام فقبل شرطها وقال لها إن دامت أيام الملك أقطعتك الف قرية وهذا أسهل مرام فتنبه الملك من غفلته وتحفل كثير من قصص الحيوان كما في كليلة ودمنة بالعديد من المبادئ والافكار والمثل السياسية والادارية والاجتماعية والتربوية التي تصلح في كثير من الاحيان لكل زمان ومكان ولعل الوظيفة السياسية لاتتمثل في كشف الظلم والفساد بل ربما تتخذ بعض الحكايات والافكار بمنزلة دستور تعليمي يسير على نهجه الطامحون الى الحق .
وقد رأى بعض الباحثين أن نشأة قصص الحيوان ترتبط أصلاً بالسياسة وأنها تنشأ في عهود الظلم والاستبداد والقهر حينما يكون التصريح سبباً في إثارة غضب الملوك وحنقهم وقد يستدلون على ذلك بأن أشهر كتابها كانوا من العبيد والارقاء أي من المستضعفين المقهورين .
غير أنه ليس شرطاً أن تكون عهود الظلم والاستبداد سبباً في وجود هذه القصص أو خلقها إذ أن كثيراً منها إنما وضع للتسلية والامتاع وللموعظة الاخلاقية المجردة أو لهدف تربوي تعليمي لاعلاقة له بالسياسة ويرادفها البعد عن حدة الوعظ المباشر وصعوبته على النفس التي تشعر بالاستعلاء والفوقية من قبل الناصح .
وأخيراً والكلام لدكتور قحطان فإن قصص الحيوان توفر للكاتب إمكانات تعبيرية أفضل وهي شكل فني ذو أبعاد دلالية واسعة إذ تتيح للمتلقين فسحة رحبة للتأويل وفقاً لآفاق توقعاتهم أو دائرة اهتماماتهم المختلفة .
عتاب ضويحي [center]
الوحش- مشرف
-
عدد الرسائل : 263
العمر : 26
نقاط : 6034
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 02/12/2008
رد: قصص الحيوان في الادب العربي
بوركت اخي
issmail-
عدد الرسائل : 60
العمر : 34
نقاط : 5832
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/12/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى