ابنتي.......................................... هذه وصيتي

من طرف لميس الثلاثاء 09 ديسمبر 2008, 5:51 pm

يا ابنتي اصغي لحديثي واسمعي *** لم يعد قلبي على الكتمانِ صبور

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي.... يا فلذة الكبد وثمرة الفؤاد..
هذه وصيتي لك..
خذي وصيتي من قلبٍ يتوقُ إلى كلِّ إحسانٍ يبذله لك..
قد كان يكتم الكثير لم يقوَ إلا أن يظهره، فتكون بين عينيك..
مفصحةً لك عن حب يملأُ صدرك، ورجاءً باسماً ثغره يرفع قدرك...
فخذيها بقوة من أمك ( الباسقة ) لعلها تنير دربك..
فهل لك بنيتي أينما كنت وفي أيَّة بقعةٍ من بقاع الأرض حللتي..
أن تصغي لحديثي إليكِ، فكلُّ كلمةٍ فيها، هي من حصاد العمر، وتجربةِ الأيام..
فخُذي عني ما علَّمَتْني السنون، ولا تبخلي على نفسك بإصغائك إلى كلماتي..
فتصيبي بها خيراً يدني إليكِ البعيد، ويسهِّل عليكِ الشديد..
والله سبحانه من قبلُ ومن بعدُ إليه الأمر كلُّه، وهو الفعَّال لما يريد...
وتأمِّليها فخذي بأحسنها، ودعي ما يثقل عليك حتى تقبل نفسك عليه وتنشط له..
ولست أملك لك من أمرك إلا دعواتٍ -أرجو الله أن تكون طيِّبات صالحات مقبولات-..
أتقرَّب بها إلى ربي، فلتصغي إليها، ولتحفظي منها ما استطعت..
فإنها -وربِّي- من خير ما كتبتُ وسطَّرت، مشت معي عقود حياتي...
وأسلمتني إلى الرضا بما قضى فيَّ ربي، فلا زلت -أي بُنيتي- في عافية الرضا..
وحين أكتب إليك بُنيتي، فإنما أكتب إلى نفسي!!!
وفقك الله ورعاك وسدَّدَ على درب الهدى خطاكِ..
وسلام عليكِ ابنتي يوم ولدتِ..
وفي كل يوم من أيام عمركِ العامر بالطاعة والتقوى..
ويوم تموتين، ويوم تبعثين يوم القيامة حيةً..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

بُنيتي ياحبة قلبي:
يامن بتُّ أشفق عليها من نفسها، وأُريدها أن يكون لها غَلَبةٌ عليها..
في الشدة والرخاءِ، في المكره والمنشط، في السَّقم والعافية..
وقفت يابنتي على باب الله فأعزني، و كل العزة في الخضوع إليه...
لا تري غناك إلا في الافتقار إليه، و لا تري قوتك إلا بتفويض أمرك كلِّه إليه..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

بنيتي رعاك الله:
ليكن أول ما تبدئين به إذا أصبحت قراءة القرآن فَدُورْي مع القرآن حيث دار..
وسيري في أثر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته حيثما سار..
وأدي الفرائض والسنن ، وتأدبي بآداب الصالحين من قبلك ممن سلفك..
واجْثُي على ركبتيك شاكرة المولى على ما أنعم به عليك في ليل أو نهار..
ومرغي جبهتك الصابرة على التراب الذي خلقك منه وسوَّاك، طلباً لرضاه، وسعياً في نوالِ حُبِّه..
لا تجالسي من يثبط بهمتكِ، ولا يطمع في ذلك منكِ طامع..
ولا تندمي على معروف بذلته لم تري من صاحبه لكِ تقديرا..
وإياكِ والخفة في مجالسكِ وكثرة الكلام، وانتحال ماليس لكِ، وخداع الناس..
وإخفاء الحقيقة بإثارة الشفقة فإنه لا يسلم صاحبها في الدنيا والآخرة..
وأدي حق الله عليكِ، باستغلال الوقت في ليلكِ ونهاركِ..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي علمتني الحياة:
أن السعادة التي ننشدها ونبحث عنها هي بقربنا مماجعلنا لا نراها وهي مختصرة بكلمتين:
( تقوى الله) فلا يفقدني حيث أمرني ولا يراني حيث نهاني. زيِّني قلبك بالتقوى...
وأقبلي على ربك بالطاعة والصدق، وإياك أن يخالطك الرضا بما صنعت..
وكوني على وجلٍ من تزيين النفس والشيطان أنك قد أحسنت..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

الحب الذي نفتقر إليه قد ضللنا طريقه فلو ضبطنا بوصلة الحب لدينا لأرحنا قلوبنا..
من كثير من العناء ( حب الله) فهي جنة الدنيا فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين..
ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي زماننا هذا زمان فتن وإني على نفسي وعلى من حولي مشفقة، إياك ومواطن الفتن..
فري منها فرارك من الأسد. ومرِّغي جبهتكِ بالصخور الصلدة الخشنة في يسيرٍ من الطاعة..
تلقى منيتك بها، واحذري نعومة وإغراء المعصية، فينتهبكِ الموت وأنتِ في لذتها الماتعة..
واحذري أن تعصي الله، بأمرظاهر، أو خفيٍّ، واندمي على ما مضى من معصية..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

بنيتي..
نحن بشر قد تزل القدم في غفلة ولحظة ضعف، وقد يهجم التقصير بالرغم من الاجتهاد..
فمدي رواق التوبة على أرض المعصية، وبلي أرضها بدموع ساخنةٍ تسحها عيناك على وجنتيك..
واسدلي عليهما ظلام الليل مشوب بصوت خفي له نشيج بين يدي الباري..
فإن الله يحب من عبده ذلك..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي وثمرة فؤادي:
ارضي بما قضى الله لك فإنك لا تعلمين قد يكون أمسكِ أفضل من غدك..
ولاندري ماذا سيكون غدا، ولكن ارضي بالحاضر، فالرضا يبعث في قلبك الخير..
واعلمي أن ما يكون من ظلام في الليل يعقبه ضوءٌ في النَّهار..
فإن أول الغيث رش ثم قطر، ومبادي الشجر ورق ثم زهر..
واجعلي قبلة قلبك السماءَ، وأديمي دعاءك بالرضا بقولك: "اللهم أسألك الرضا بالقضاء "..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

دنيانا ياابنتي دار فناء ونصب وتعب وأكدار وليس للعبد مستراح إلا تحت شجرة طوبى..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

إن المخلصين لنا والناصحين في طريقنا قليل فمتى وجدتهم فتشبثي بهم،
فإن لم تظفري بهم فدعي الناس كلهم جانبا..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

إن العيش في الظروف الصعبة يثري خبرة الإنسان ويصقل شخصيته إذا صاحبه صبر ورضا بالقضاء..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

لاتنهزمي أمام مايعترض طريقك من الإخفاقات بل استنيري بها لمواصلة الطريق..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

لاتتعثري بما في طريقك من الصخور والحجارة أقفزيها وابتغي لنفسك المعالي والقمم الشامخة..
وواصلي طريقك فستصلين في النهاية بالعزم والتصميم ( بإذن الله )..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابتسمي ثم ابتسمي ثم ابتسمي في وجه الصعاب تهون عليك، فإن الدنيا بما فيها من متاع..
قليلة ،(وماعند الله خير للأبرار) فكوني منهم..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي يا أملنا المنتظر:
أمتك ... أمتك ... أمتك ...
الله.. الله
بالسعي لنصرتها فهي بحاجة لسواعدك وقلبك..
فليس لنا حق بأخذ الإذن بالإنصراف عنها والذب عنها مهما كنا ضعافا..
فما ألبسنا الرزايا وعرضنا للفتن والبلايا إلا تخلينا عنها..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

لاتحزني على فراق من أحببت..
إذا كان فراقكم على خير..
بل شمري لمواصلة الطريق فسيأتي يوم تلتقين بهم لعله لقاء لا فراق بعده في
(مقعد صدق عند مليك مقتدر)..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

واعلمي أن قطار الموت دائم الحركة والمسير..
فسنصعد إليه في ساعة من ليل أو نهار فكوني على استعداد في تجهيز حقائبك..
ولا تنسي شيئا تحتاجين إليه فإنك لن تعودي لأخذه... لن تعودي!!!

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

ابنتي وفلذة كبدي:
هذه حروفي وضعتها أمام عينيك لتقرئيها فتأمليها
واعلمي حفظك الله أنها كانت حبيسة أسيرة..
حتى آثرت أن تكسر قيدها لكي تنطلق..
وتمشي حرَّة ملءَ عطفيها رجاءٌ أن يكون لها حياة تزهو بها
فما من شيء في الدنيا إلا وهو يحب الحرية والانطلاق..
والتحرر من الهموم والأحزان نفعك الله بها وبمن قرأها..
والحمد لله..

◊ ◊ ◊ ◊ ◊

هذه وصيتي إليكِ، والله خليفتي عليكِ..
فإني قد أبلغت إليك في وصيتي، واتخذت لله الحجة عليك..
وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
..